الاثنين، 5 مارس 2012

المعرفة بين ديكارت و دافيد هيوم D03 خنتوس+أوغو+بوخناف

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

وزارة التعليم العالي و البحث العلمي

جامعة فرحات عباس - سطيف -

كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية

قســـم : علوم إنسانية مجموعة : 03

المقيــاس : مدخل إلى الفلسفة العامة الفــــوج : D

بحث حول :Rectangle à coins arrondis: المعرفة بين ديكارت و دافيد هيوم

من إعداد الطلبة : تحت إشراف الأستاذ (ة) :

- خنتوس كتيبة مسالتي عبد المجيد

- اوغو روميلة

- بوخناف شفيعة

الموسم الجامعي :2011/2012

خطة البحث :

عنوان البحث : " المعرفة بين ديكارت و دافيد هيوم "

مقــــــدمة

الفصـــــــل الأول : المعرفة

المبــــــحث الأول : مفهوم المعرفة .

المبـــــحث الثاني : أنواع المعرفة .

المبـــــحث الثالث : قيمة المعرفة وحدودها.

الفصــــــــل الثاني : طبيعة المعرفة عند ديكارت و هيوم

المبـــــحث الأول : طبيعة المعرفة عند ديكارت .

المبحــــث الثاني : طبيعة المعرفة عند هيوم .

الخــــــاتمة

قائمــــة المصـــــادر و المــــــراجع

مقدمـــة :

من المواضيع الفلسفية التي أسالت حبر المفكرين و الفلاسفة و العلماء ، و التي اصدم الصراع حولها طويلا و الذي أدى إلى انقسام الفلاسفة إلى طاتفتين أو بالأحرى إلى مذهبين كبيرين ألا و هما التيار العقلي و التيار التجريبي ، في أصل المعرفة . وعلى هذا الأساس يمكن طرح الإشكال التالي : فما طبيعة المعرفة و أصلها عند ديكارت و دافيد هيوم ؟ و قبل هذا وذاك ، فما المقصود بالمعرفة بصفة عامة يا ترى ؟ .

الفصل الأول : المعرفة

المبحث الأول : مفهوم المعرفة

إن معنى المعرفة هو مرادف لمعني العلم و هي تعني إدراك صورة الأشياء أو صفاتها أو علاماتها و ذلك بإدراك المعاني المجردة سواء كانت لها وجود خارج الذهن أم لهم يكن .

و من هنا يستعمل المكلمون في تعريف العلم كلمة المعرفة فيقول البقلاني : في تعريف المعرفة :" أنه معرفة العلوم على ما هو به " و للجوني تعريف أخر يقول فيه " العلم عقد يتعلق بالمعتقد على ما هو به" وجاء في لسان العرب :" أن المعرفة إدراك الجزئي و إدراك الكلي و أن المعرفة تستعمل في التصورات ".

فالمعرفة علم من العلوم التي تبحث في تقديم جميع المناهج الفلسفية و العلمية و يعتبر هذا المدخل لدراسة بقية العلوم. (1)


(1) الأنترنات http://chebba.hijai.net/? .

المبحث الثاني : أنواع المعرفة

يتحدث الفلاسفة المعاصرون عن ثلاثة أنواع من المعرفة و هي :

- النوع الأول : التعرف بالأشخاص و الأماكن و الأحداث فأنت تتعرف على الأشخاص بلقائهم ، و تتعرف على الأماكن بالذهاب إليه كما تتعرف على الأحداث بشواهده .

- النوع الثاني : من المعرفة فمعرفة كيف تنجز الأعمال و كيف تؤدى، و يسمى هذا النوع بقدرة المعرفة ، و نحن نحصل على لبقدرة المعرفية بتعلمنا كيف نتكلم اللغة و كيف نكتب و كيف نحسب .....الخ، و نستطيع القيام بهذا بصمت و لا نحتاج إلى أن تصوغ ذلك في قضايا أو عبارات .

- النوع الثالث: و هو ما يدعونه بالمعرفة القضائية نسبة إلى القضايا أي الأحكام أو الجمل ( المفيدة ) مثل قولك : علي يعرف : " أن الدوحة تقع على الخليج العربي " . وأن جامعة الزيتونة أقدم جامعة إسلامية".

و يعني الفلاسفة بهذا النوع الثالث من المعرفة القضايا لأنهم يميزون بين الوقائع و الأشياء نفسها في العالم من جهة و ما نقوله عنها أي تعابيرنا عن تصوراتنا من جهة أخرى، وأفكارنا التي هي تعابير وصيغ يمكن أن يكون ما نعبر عنه من معرفة للعالم الخارجي صادقا إذ كان مطابقا في الواقع الخارجي ، ويمكن أن لا يكون صادقا إذا كان غير مطابق لهذا الواقع الذي تتحدث عنه تلك العبارات أو القضايا . (2)


(2) عمار ألطلبي ، مدخل إلى عالم الفلسفة ، دار القصبة للنشر ، الجزائر ، 2006 ، ص 163-164 .

المبحث الثالث: قيمة وحدود المعرفة

1- قيمتها : تتمثل قيمة المعرفة إجمالا في مدى درجة اليقين الذي تصل إليه إدراكاتنا تصورا كانت هذه الإدراكات أم تصديقا ، أو بمعني أخر في مدى إمكان كشف المعرفة عن الحقيقة كما تتمثل من ناحية أخرى في الإيمان بإمكانية المعرفة ، و هذا اليقين الذي يعتبر معيار للقيمة المعرفية أو الإيمان بها و ينقسم إلى ثلاث أنواع و هي :

أ- اليقين المنطقي أو الرياضي : و هو الذي يقصده منطق البرهان عند أرسطو ومعناه العلم بقضية معنية و العلم بأن من المستحيل أن لا تكون القضية بالشكل الذي علمت عليه ، فاليقين المنطقي مركب من علمين ، و ما لم ينظم العلم الثاني إلى العلم الأول لا يعتبر يقينا في منطق البرهان و اليقين يندرج في اليقين المنطقي لأنه يعني تضمين إحدى القضيتين للأخرى .

ب- اليقين الذاتي : و هو جزم الإنسان بقضية من القضايا بشكل لا يراوده أي شك أو احتمال للخلاف فيها ، وليس من الضروري في اليقين الذاتي أن يستبطن أي فكرة عن استحالة الوضع المخالف لما علم ، فالإنسان قد يرى رؤيا مزعجة في نومه فيجزم بأن وفاته قريبة .... ولكنه في نفس الوقت لا يرى أي استحالة في أن يبقي حي ، لآن كونه غير محتمل و لا يعني أنه مستحيل .

جـ- اليقين الموضوعي : و هو يستلزم الصحة في مطابقة القضية التي تعلق بها اليقين ، مع الواقع إضافة إلى الصحة في درجة التصديق من حيث مطابقته للمبررات موضوعية تفرض درجة التصديق تلك " و من هنا نصل إلى فكرة التميز بين اليقين الذاتي و اليقين الموضوعي " فاليقين الذاتي : و هو التصديق بأعلى درجة ممكنة ، سواء كان هناك مبررات موضوعية لهذه الدرجة أم لا .

و اليقين الموضوعي أيضا : هو التصديق بأعلى درجة ممكنة على أن تكون هذه الدرجة مطابقة مع الدرجة التي تفرضها المبررات الموضوعية أو بتعبير آخر : أن اليقين الموضوعي هو أن تصل الدرجة التي تفرضها المبررات الموضوعية إلى الجزم " .

و الأمر الثاني الذي يعني به علم المعرفة : و هو إمكان المعرفة و العلم بوقوعها ، وهو أمر لا يقبل الإنكار و لا الشك ، ولا يتردد في الاعتراف به أي إنسان سوى عاقل لم تؤثر الشبهات على ذهنه و تفكيره ، وبالرغم من ذلك فقد ظهرت في تاريخ الفلسفة مذاهب تنكر العلم مطلقا ، ولا تعترف بإمكان المعرفة مثل : السوفسطائين و الشكاك و اللاأدربين . ولقد صنفهم بعض علمائنا على أنهم مرضي نفسيون و أن الله ابتلاهم بالوسواس الذهني الشديد و بخاصة أن قسما منهم أنكر الوجود ذاته ناهيك عن المعرفة (3)

2- حدود المعرفة :

أ- لا يمكن إنكار فضل الشك المنهجي في اجتثاث حالة الاضطراب النفسي التي يعيشها الشكاك ، أنهم انطلقوا قبليا ، من مبدأ إمكان المعرفة و بقدرة الإنسان أن يدرك الحقيقة ، يقول ألان : " إن الفكر الذي لا يعرف كيف يشك ، فكر ينزل دون الفكر " أي يتهافت في قرارة ذاته .

أما الفكر الذي يحسن التصرف في تشككه فموقف يتجاوز سخافة النزعة الدنغماطية ، التي تؤدي إلى عقم البحث و تصنيف الفصول ، لا إلى تفتحه ، إنه يدعوا إلى الحذر و الإمعان ، وهنا المرء يشك في ذاته لا في الحقيقة إلا أن الفيلسوف الحديث أو الملقب


(3) الأنترنات http://chebba.hijaj.net/?p: .

بأبي الفلسفة الحديثة "ديكارت" لم يطرح مشكلة حدود المعرفة طرحا ، كما فعلت الفلسفة النقدية مع "كانط" بعده.

ب- لا يرضى "كانط" لنفسه الانطلاق من الشك في كل شيء لأنه يري أن ثمة علمين قائمين ، لا محل للشك فيهما ، ألا و هما العلم الرياضي و العلم الطبيعي ، فالعلم الأول ممكن المعرفة ، وحقائقه يقينية مطلقة و ما دامت قضاياه منشأ ة من قبلنا و ليست مقتبسة من واقع موضوعي منفصل عنا ، فلا يجوز الشك في مدى إمكان معرفته .

أما العلم الثاني الذي يدخل في نطاق التجربة ، فإن "كانط" يبدأ باستبعاد المادة عن هذا النطاق ، لأن الذهن لا يدرك من الطبيعة إلا ظواهرها ، وإذا أسقطت المادة من الحساب فلا يبقى للعلوم الطبيعية إلا ظواهرها ، و هذه الظواهر إنما تدرك بالتجربة (4) .


(4) جمال الدين بوقلبي حسن ، قضايا فلسفية ، ط03 ، ج 01 ، المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ، 1984 ، ص : 605-606 .

الفصل الثاني : طبيعة المعرفة عند ديكارت و هيوم :

المبحث الأول : طبيعة المعرفة عند ديكارت : ( 1596-1650)

يعتبر ديكارت إمام النظرية العقلانية في المعرفة في العصر الحديث و هو المتأثر بأفلاطون و الرافض لنظرية المثل ، فقد بدأ من الرياضيات و أقام مذهبا مختلفا في تفاصيلها عن موقف أفلاطون، لكنه أصر على أن المعرفة معرفة بما هو ثابت و رأى هذا الثبات و اليقين في البديهيات الرياضية و الحقائق الوجودية الأولية مثل الكوجيتو .

وقد كان رائدا أيضا لنظرية الأفكار الفطرية في العصر الحديث أي أن لدى الإنسان الاستعداد طبيعيا ليقول بعض الأفكار الأولية مستقيل عن الخبرة الحسية ، إذا كانت ضرورية لإبراز هذا الاستعداد من كمونه ، و من أمثلة هذه القضايا : لكي أفكر يجب أن أوجد ، ما له شكل ممتد ، ما يتحرك له ديمومة من المحال أن يحدث شيء من لا شيء ، إن وجد شيء ناقص فلا بد من وجود شيء كامل ، ما هية النفس: فكر ، ماهية الجسم: امتداد ، بالإضافة إلى بديهيات الرياضيات و قوانين المنطق (1) .

و في فترة مبكرة أصبح ديكارت مقتنعا مثل بيكون بأن الاحتياج العظيم هو صناعة منهج دقيق و مثمر للبحث ، غير أن ديكارت فهم المناهج التي يستخدمها الرياضيون و علماء الطبيعة على نحو أفضل و قد كان ديكارت نفسه رياضيا و مرموقا و مكتشفا الهندسة التحليلية ، وقد انتهى إلى أنه يمكن ابتكار منهج للفلسفة و هو المنهج الذي يستخدمه في الهندسة بنجاح و يحمل في الجزء الثاني من كتابه " مقال عن المنهج " Discoures on Méthode" بطريقة مبسطة لأربع 04 قواعد محددة كالتالي :

1- البداهة : " لأ قبل شيئا على أنه حق ، ما لم أعرف بوضوح أنه كذلك ، أي يجب أن أتجنب التسرع و عدم التشبث بالأحكام السابقة .


(1) د/ محمود زيدان ، نظرية المعرفة عند مفكري الإسلام و فلاسفة الغرب المعاصرين ، دار النهضة الغربية ، بيروت ط1 ، 1979 ، ص 23.

و أن لا أدخل في أحكامي إلا ما يتمثل لعقلي في وضوح و تميز يزول معهما كل شك

2- التحليل: " أن أقسم كل واحدة من المشكلات التي أبحثها إلى أجراء كثيرة بقدر المستطاع ، و بمقدار ما يبدو ضروريا لحلها على أحسن الوجوه" .

3- التركيب : " أن أرتب أفكاري ، فأبدأ بالأمور الأكثر بساطة و أيسرها معرفة ، حتى أصل شيئا فشيئا أو بالتدريج إلى معرفة أكثرها تعقيدا مفترضا ترتيبا ، حتى لو كان خياليا ، بين الأمور التي لا يسبق بعضها بعضا " .

4- الإحصاء: " أن أعمل في جميع الأحوال من الإحصاءات الكاملة و المراجعات الشاملة ما يجعلني على ثقة من أنني لم أغفل شيئا " .

و من هنا نلاحظ أن الفيلسوف الحديث الملقب بأبي الفلسفة الحديثة (ديكارت) فيلسوف عقلي بصورة صارمة في تأسيس منهجه فهو بفهم العقل القضايا الواضحة و المتميزة بطريقة حدسية مثلما يفهم بديهيات الهندسة مثلا ، إذ لا شيء تدركه الحواس بصورة مباشرة يكون واضحا و متميز بهذه الطريقة فالحدس ( INTUITION) و ليس الإحساس هو المصدر الأول للمعرفة وبذلك فإن ديكارت فيلسوف عقلي و ليس فيلسوفا تجريبيا ( 2) .


(2) وليم كلي رأيت ، تاريخ الفلسفة الحديثة ، ترجمة محمد سيد أحمد ، تقويم أمام عبد الفتاح إمام ، المجلس الأعلى للثقافة ، 2005 ، ص 94-95 .

المبحث الثاني : طبيعة المعرفة عند هيوم ( 1711-1776)

إن أول ما يلفت الانتباه في فلسفة هيوم المعرفية ، هو حديثه عن أصل المعارف الإنسانية أو مصادر الأفكار ، وهنا يقسم هيوم الإدراكات العقلية إلى قسمين :

1- الانطباعات : و هي ادراكات أكثر وضوح و أقوى أكثر .

2- الأفكار : و هي ادراكات أقل وضوح و أضعف أكثر .

وسواء تعلق الأمر بالانطباعات أو الأفكار ، فإن لهما نفس المصدر هو الخبرة الحسية ، و ما الاختلاف الموجود بينهما إلا في درجة الوضوح وقوة الأثر ، و في هذا السياق يقول هيوم : " و هكذا كافة أفكارنا التي هي ادراكات خافتة ، صور تحاكي انطباعاتنا التي هي ادراكات ناصعة " .

وهكذا فإذا شاءت الفكرة أن تكون صحيحة فإن عليها تقبل أن نعود بها إلى انطباعاتنا الحسية المباشرة وما لم يقبل ذلك فهو من الأفكار التي يجب أن نركن إليها على أنها صواب.

و يقسم هيوم الأفكار إلى نوعين ، بسيطة ومركبة ، فأما البسيطة فهي تلك التي يمكن تحليلها ،أما المركبة فهي ما يمكن تحليلها إلى عناصر جزئية ابسط منها . هكذا ففكرتي عن لون البرتقالية أو طعمها أو رائحتها مثلا ، هو من الأفكار المباشرة الصادرة عن انطباعاتنا الحسية ، وهذه الانطباعات الجزئية هي التي سيؤلف الذهن بينها فيها بعد لتكون فكرة البرتقالة كفكرة مركبة .

من هنا فالمبدأ الأساسي في فلسفة هيوم هو كتالي : كل فكرة صحيحة و مشروعة لا بد أن تجد مصدرا لها في الخبرة المباشرة و إلا فهي زائفة ، انطلاقا من هذا المبدأ يتساءل هيوم عن مشروعيته ما يسمى بالألفاظ الكلية المجردة مثل لفظ "إنسان " فإلى أي شيء أشير بالكلمة العامة المجردة " "إنسان" ؟

لقد انقسم الفلاسفة في الإجابة عن السؤال إلى ثلاثة مذاهب رئيسة :

1- الفلاسفة "الشيئيون" بزعامة أفلاطون :

و هو يرون أن لفظ " إنسان" يشير إلى "شيء" حقيقي قائم بذاته في عالم المثل ، فهو فكرة عقلية مثالية ومجردة تعتبر النموذج الذي نسخ على منواله هؤلاء الأفراد الذين نراهم في هذه الدنيا .

2- الفلاسفة " التصوريون" بزعامة أرسطو :

و يرى أصحاب هذا التصور إن اللفظ المجرد " إنسان" لا يشير إلى أي فرد من الأفراد الذين ندركهم في هذا العالم الحسي كزيد و عمر و خالد ، ولكنه يشير إلى تصور عقلي مجرد مستخلص من هؤلاء الأفراد عن طريق عمليتي التجريد و التعميم فلفظ " إنسان" بهذا المعني هو تصور عقلي مجرد يشير إلى كل أفراد بني الإنسان دون أن يقتصر على واحد منهم بعينه .

3- فلاسفة "الاسميون" و هيوم زعيم من زعمائهم :

و يرى أصحاب هذا المذهب بأن المعرفة تستمد من هذا العالم التجريبي الحسي و بأن معارفنا لا تأتي إلا فردية جزئية في أساسها ، وعليه فكلمة "إنسان" لا تشير إلا إلى واحد من الأفراد الآدميين الذي انطبع بهم ، اتخذه ممثلا هذا الفرد أو ذلك ومن ثم سمي هذا الفريق 'بالاسميين" .

هكذا نلاحظ أن الاسم الكلي عند هيوم هو أسم يشير إلى صورة ذهنية جزئية ( أي " فكرة" باصطلاح هيوم) ناتجة عن مجموعة من الانطباعات الحسية ، و الانطباع في هذه الحالة لا يكون إلا المؤثر جزئي بكامل فرديته لا تعميم فيه و لا تجريد .

من هنا فالفكرة الكلية المجردة، مثل فكرة "لإنسان " هي فكرة منبثقة عن فرد بعينه ثم اختيرت لتمثيل سائر الأفراد و بالتالي فهذا التعميم الذي يطالها لا يضيف عناصر جديدة إلى طبيعتها.

"فواضح إذن أن هيوم وانطلاقا من نزعته التجريبية ، يرجع أصل كل الأفكار ، مهما بلغت من الإغراق في التجريد إلى الخبرة الحسية ، وما لا يرجع من الأفكار إليها فهي باطلة و لا أساس لها من الصحة " .

ومن المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها فلسفة هيوم هو قوله بمبدأ " ترابط الأفكار " ، و مفاده أن أفكارنا مترابطة ، بحيث أن الواحدة منها تستدعي الأخرى في نوع من الانتظام (3) .

موجز عام لنظرية المعرفة عند هيوم .

أن المعرفة الإنسانية في نسق هيوم الفلسفي تعود إلى ادراكات العقل التي تقسم إلى قسمين مختلفين : الانطباعات Impressions و الأفكار Ideas ، و تشمل الانطباعات الإحساسات Sensations و العواطف Passions و الانفعالات Emotions ، وتنقسم الإدراكات و الانطباعات و الأفكار من حيث تركيبها إلى بسيطة Simple و مركبة Compound ، الأولى لا تقبل القسمة إلى أجزاء ، بينما المركبة تقبل مثل هاته القسمة مثل البرتقالة التي سبق شرحها و المستخلص منها فكرة واحدة عن البرتقالة .

و مع أن العقل قادر على ربط الأفكار بسيطة على نحو ما يشاء ، لا نظر لها في الواقع مثل فكرتنا عن حصان مجنح أو جبل من الذهب ، فإن قدرته على الرغم من ذلك محدودة لا تتعدى تجميع و نقل وزيادة أو نقصان المواد التي توجد في الواقع الخارجي و تقدمها إلينا الحواس و التجربة ( 4) .


(3) الأنترنات : http://chebba.hijij.net/? من كتاب لـ : د/ زكي محمود نجيب، ديفيد هيوم ، دار المعارف / مصر 1958 .

(4) د/ إبراهيم مصطفي إبراهيم ، الفلسفة الحديثة من ديكارت الى هيوم ، دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر ، إسكندرية 2001 ص 335 – نقلا عن – د/ كريم متى ، الفلسفة الحديثة ص 207 .

خاتمــــة :

و في الختام نستخلص بأن المعرفة مصدر من المصادر التي اعتمد عليها كلا من الفيلسوفين الحديثين ديكارت و دافيد هيوم في منهجيهما و كما نستخلص أيضا أن كلا من ديكارت و دافيد هيوم خطان متوازيان غير متلاقيان فديكارت يعتمد أساسا على العقل للوصول إلى المعرفة أما دافيد هيوم فهو فيلسوف تجريبي يعتمد على الحواس للوصول إليها.

قائمــة المراجــــع و المصــــادر :

- إبراهيم مصطفي إبراهيم ، الفلسفة الحديثة من ديكارت إلى هيوم ، دار الوفاء الدنيا الطباعة و النشر إسكندرية ، 2001 .

- جمال الدين بوقلي حسن ، قضايا فلسفية، ط3 ، ط1 ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، 1984 .

- عمار الطالبي، مدخل إلى عالم الفلسفية، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2006 .

- وليم كلي رأيت ، تاريخ الفلسفة الحديثة ، محمد سيد أحمد ، الإمام عبد الفتاح إمام ، المجلس الأعلى للثقافة ، 2005 .

- محمود زيدان ، نظرية المعرفة عند مفكري الإسلام و فلاسفة العرب المعاصرين ، دار النهضة العربية بيروت ، ط1 ، 1979 .

- الموقع : http://chebba.hijij.net/? .

السبت، 28 يناير 2012

فلسفةالتاريخ د3/ابدبر، شلغوم، حمزي

فلسفة التاريخ،ابن خلدون نموذجا/ ساطور /ملاح/ طبال

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

جامعة فرحات عباس- سطيف-

كليــــــــــــــــة العلوم الانسانية و الاجتماعية

بحث حول :

من إعداد : إشراف الأستاذ:

* ساطور وليد مسالتـــــــــي

* ملاح سليمة

* طبال نسرين

السنة الجامعية : 2011/ 2012م


كلية العلوم الانسانية

السنة الاولى:

فلسفة التاريخ
نموذج ابن خلدون


خطـة البحـث:

· مقدمة

· الفصل الأول: فلسفة التاريخ

مبحث1: مفهوم فلسفة التاريخ

2 نشأتـها

3خصائصها

· الفصل الثاني فلسفة التاريخ ونظرية ابن خلدون

مبحث01 أبعاد فلسفة التاريخ

2 فروع بين فلسفة التاريخ وعلم التاريخ

3العلامة بين الفلسفة التاريخ

04 مثال ابن خلدون فلسفة التاريخ

· خاتمة

مقدمة:

استقلال العلوم عن الفلسفة بما يعنى بالضرورة استغنائها01 ما زالت العلوم في احتياج ماس إلى الفلسفة وإن اختلاف وجه الاحتياج أو المستند عما كان قبل استقلالها تماما كالبنت التي تستقل عن أمها عند زواجها ولكنها تحتاج إليها مشكلات واحتياجات جديدة، حتى أن هناك علوما لم تكن مرتبطة بالفلسفة إلى أنها أصبحت تلتمس الحكمة والحنكة من هذه الأم العجوز ومن بين هذه العلوم التاريخ.

فما وجه احتياج التاريخ للفلسفة؟ وماهي المشكلات التي تواجه ولا يتسنى له حلها إلا بالتماس الحكمة من الفلسفة؟

الفصل الأول:

· المبحث الأول: مفهوم فلسفة التاريخ.

يمكن تعريفها على أنها محاولة لتقديم تفسير فلسفي للتاريخ الانساني كلل دون تخصيص وذلك من خلال تطبيق الفلسفة ودمجها من الظواهر التاريخية وهنا ما يتضح من وضوح مباحث الفلسفة الأساسية" الثلاثة ،الوجود ،المعرفة والقيم" في فلسفة التاريخ في مبحث المعرفة مثل تناول فلسفة التاريخ امكانية معرفة التاريخ مصدر المعرفة التاريخية، أما في مبحث القيم فتبحث في دور العامل الأخلاقي في التطور التاريخي وامكانية الحكم الأخلاقي على التاريخ إضافة إلى الحقيقة التاريخية وطبيعتها.

· المبحث الثاني:نشأتها

يرجع أول استعمال للفظ الفلسفة التاريخ إلى الفيلسفون الفرنسي فولتير وذلك من خلال استنكاره أن تصبح دراسة التاريخ أكواما مترامية من المعارك الحربية أو المعاهدات السياسية دون معنى مفهوم أو حكمة بادية، إذا أراد تنقيح الدراسة التاريخية بما يمكن تسميته بالتاريخ النقدي [1]أي أن دراسة التاريخ دراسة نقدية تستبعد منه الخرافات والأساطير حيث جاءت هذه الأخيرة ص1 الدراسة النقدية نظرا للنقص الشديد الذي يشهده تركيبية التاريخ ومن الطبيعي أن لا يعترف أحد على نفسه بالقصور أو النقص وبذلك فقد كان المؤرخون أشد المعارضين لفلسفة التاريخ لأن هذه تقيم نظريتها على أساس نقص في طبيعة التاريخ ويكمله الفكر الفلسفي أما نقطة البدء في فهم القصور في تركيب التاريخ وتعويضه بفكر فلسقي أما نقطة الانطلاقة فكانت لدى ابن خلدون من خلال التميز بين الظاهر والباطن في التاريخ[2]

المبحث الثالث: خصائصها:

01 الكلية: تبدو حوادث التاريخ أمام نظر الفيلسوف أشتاتا لا رابط بينهما وأكواما فوق بعضها البعض، فالفيلسوف يرفض أن يكون التاريخ فوضى من المصادفات العمياء وكوارث تتلاحق بعضها البعض، تتخللها ومضات قصيرة من السعادة كما أنه يرفض أن يكون مسار التاريخ على حد تعبير ماكس قبير"كشارع مهده الشيطان بحطام من قيم «حيث يطلب الفيلسوف الوحدة العضوية بين الأجزاء والهدف هو أن تكون نقطة البدء في فلسفة التاريخ تكامل بين الأجزاء وترابط الوقائع ففلسفة التاريخ لا تقف عند عصر معين ولا تكتفي بمجتمع خاص ولكنها تضم العالم كله في اطار واحد من الماضي السحيق حتى اللحظة التي يدون فيها الفيلسوف نظريته بل قد لا يقتنع بذلك إنما يمتد تفسيره للمستقبل وبذلك يشعر فيلسوف التاريخ أنه قد أوجد الوحدة بين الأشتات و المعنى فيما يبدوا غير مفهوم وبذلك يتجاوز المؤرخ في فلسفة التاريخ الوقائع الجزئية إلى التاريخ العالمي أي التاريخ الانساني ككل .

التعليل: حيث يلجأ المؤرخ في التاريخ العادي إلى التعليل ولكنه يتقيد دائما بواقعة جزئية ملتزما بأسطر التاريخ من مكان وزمان أما الفيلسوف التاريخي فيختزل العلل الجزئية للحوادث الفردية إلى علة واحدة أو علتين على أكثر تقدير فيفسر في ضوئها التاريخ العالمي أي أنها تبحث العوامل الأساسية التي تحكم حركة التطور التاريخي[3].

المبحث الثالث:

· أبعادها:

1-البعد الميتافيزيقي : الذي يمثله هيجل "المنطلق الفكري".

2-البعد الاقتصادي: لدى كارل ماركس و تمثل في تناقضات الرأسمالية و حتمية الشيوعية.

3- البعد البيولوجي: ويمثله شينجلر "أحد علماء الطبيعة و الرياضيات" حيث تناول قياس الحضارت على الكائنات الحية فوجد فيها ميلادا و شبابا و شيخوخة.

4-البعد الحضاري: لدى توينبي في نقد الحضارات وترك السؤال مطروحا حول مصير الحضارة الفرنسية والانسان

الفصل الثاني:

المبحث الأول : فروق بين فلسفة التاريخ وعلم التاريخ :

فلسفة التاريخ : تبحث في التاريخ الإنساني ككل "الكلية" من خلال دراسة المفاهيم السابقة على البحث التاريخي "التجريد" بينما علم التاريخ يبحث في وقائع تاريخية معينة زمانا ومكانا "الجزئية" وذلك من خلال دراسة هذه الوقائع التاريخية باستخدام المنهج الوصفي "العينية" ويمكن التعبير عن الفرق بين فلسفة التاريخ وعلم التاريخ، بأن فلسفة التاريخ إجابة على السؤال، لماذا الحدث التاريخي ؟ بينما علم التاريخ إجابة على السؤال كيف الحدث التاريخي؟

المبحث الثاني : العلاقة بين الفلسفة وعلم التاريخ .

إن الدراسة التاريخية البسيطة تجعل الباحث يغرق في وقائع وحوادث لإحضارها حتى يكاد على حد تعبير "فولتير" لا يصبح بعدها أكثر حكمة مما كان قبلها ومن جهة أخرى تشد الباحث إلى الماضي حتى يصبح على حد تعبير ديكارت لشدة ألفته بعدما صار غريبا عن الحاضر ومن هنا فإن فلسفة التاريخ تعوض كل هذا القصور فهي تجعل لوقائعه المتراكمة المتتالية معنى ومعزى إذ تبدأ كما للاحظ "كروتشيه" من مشكلة قائمة في الحاضر فتجعل الإنسان مقيما فيه وبذلك للا يغوص في أعماق الماضي السحيق غوصا يجعله غريبا عن حاضره أي يبقى محصنا ضد ما أسماه "فريديريك نيتش" داء التاريخ أي آفة العقل حيث يغريه الماضي بالولاء له[4] وفلسفة التاريخ لا تعوض قصور التاريخ و حسب بل إنها تعوض قصور الفلسفة أي قلق دائم مصدره اشتياق الفيلسوف إلى الوصول للحقيقة فهو دائم البحث عنها ولكنه في خشية أن يظل السبيل إليها حيث يخلق في عالم المجردات وذلك لفرط تجريدها أما فيلسوف التاريخ فيلتمس مادة من واقعية التاريخ[5] إذن ينشد التاريخ الفلسفة حتى لا تحلق بعيدا عن غير عالمنا وترتفع الفلسفة للتاريخ حتى لا يغوص في وحل الماضي في ودمائه لذلك، قيل إن التاريخ يلتمس من الفلسفة الحكمة وتلتمس الفلسفة من التاريخ الواقعية فكلاهما يكمل الآخر .

المبحث الثالث : فلسفة التاريخ عند ابن خلدون

إن نقطة الانطلاق في فلسفة التاريخ كانت عند ابن خلدون، حيث ميز بين الظاهر والباطن والسطح والجوهر فرأى أن ظاهر التاريخ لا يزيد عن الأيام والدول والسوابق عن القرون الأولى أما الباطن فهو نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها أي أنه علم بكيفيات الوقائع وأسبابها وبذلك رأى أن التاريخ أصيل في الحكمة وجدير بأن يعد في علومها[6]. ولما رأى ابن خلدون الدراسة الشديدة للمؤرخين في التاريخ والمدى الهائل من الأحداث التاريخية والأخبار تخلله الشك في صدق هذه الأحداث ومدى واقعيتها لذلك جاء موقف ابن خلدون نقدي بحت، هذا الموقف جعله يأتي بما يسمى بقواعد العمران البشري هذه الأخيرة تعبر مقياسا حادا لرؤية مدى صدق الأحداث التاريخية المنقولة عن المؤرخين[7] اي أن ابن خلدون تجاوز السرد والحشد للأخبار دوم ربط بينما هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن فلسفة التاريخ تهدف إلى التعليل، حيث كتب عنه "توينبي" قائلا "أنه في مقدمته للتاريخ العالمي قد تصور وصاغ فلسفة للتاريخ تعد بلا شك أعظم عمل من نوعه" .

ووصفه روبرت فلند في كتابه الضخم تاريخ فلسفة التاريخ أنه لا العالم الكلاسيكي ولا المسيحي الوسيط قد أنجب مثيلا له في فلسفة التاريخ .

خاتمة :

لقد اتسعت الدراسات في فلسفة التاريخ خاصة في الحضارة الغربية لأن التاريخ يرينا أنفسنا على حقيقتها وكأننا ننظر إلى المرآة التي تنعكس عليها حاجاتنا وأفعالنا هذا على حد قول "مارتن لوثر" لكن الانسان أشد حاجة إلى النظر إلى مرآة الزمان إبان عصور الأزمات، ذلك أن لغز الحاضر لا يحل إلا بوعي الماضي، فكلما كانت النظرة إلى الماضي أكثر شمولا كان فهم الماضي أشد عمقا .

قائمة المراجع والمصادر:

01- أحمد محمد صبحي

02- صبري محمد خليل

03- محمد عبيد الرحماني فلسفة التاريخ من منظور إسلامي

04- البويوغرافيا مقالة صرفي محمد خليل

Sabri.khalil@hotmail.com



[1]أحمد محمود صبيحي في فلسفة التاريخ الجزء الثاني دار المعرفة الجامعية السنة 1936

[2] - المرجع نفسه، ص 229.

[3] - د- صبري محمد خليل – أستاذ الفلسفة في جامعة الخرطوم sabri. khalil@hotmail.com

[4] - أحمد محمود صبحي: فلسفة التاريخ ، ص230 .

[5] - المرجع نفسه، ص 129، 130

[6] - المرجع نفسه

[7] - لأستاذ بليليطة : محاضرة بعنوان "فلسفة التاريخ" المقياس : فلسفة و قضايا العصر –جامعة فرحات عباس –سطيف 04/01/2012.