الاثنين، 5 مارس 2012

المعرفة بين ديكارت و دافيد هيوم D03 خنتوس+أوغو+بوخناف

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

وزارة التعليم العالي و البحث العلمي

جامعة فرحات عباس - سطيف -

كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية

قســـم : علوم إنسانية مجموعة : 03

المقيــاس : مدخل إلى الفلسفة العامة الفــــوج : D

بحث حول :Rectangle à coins arrondis: المعرفة بين ديكارت و دافيد هيوم

من إعداد الطلبة : تحت إشراف الأستاذ (ة) :

- خنتوس كتيبة مسالتي عبد المجيد

- اوغو روميلة

- بوخناف شفيعة

الموسم الجامعي :2011/2012

خطة البحث :

عنوان البحث : " المعرفة بين ديكارت و دافيد هيوم "

مقــــــدمة

الفصـــــــل الأول : المعرفة

المبــــــحث الأول : مفهوم المعرفة .

المبـــــحث الثاني : أنواع المعرفة .

المبـــــحث الثالث : قيمة المعرفة وحدودها.

الفصــــــــل الثاني : طبيعة المعرفة عند ديكارت و هيوم

المبـــــحث الأول : طبيعة المعرفة عند ديكارت .

المبحــــث الثاني : طبيعة المعرفة عند هيوم .

الخــــــاتمة

قائمــــة المصـــــادر و المــــــراجع

مقدمـــة :

من المواضيع الفلسفية التي أسالت حبر المفكرين و الفلاسفة و العلماء ، و التي اصدم الصراع حولها طويلا و الذي أدى إلى انقسام الفلاسفة إلى طاتفتين أو بالأحرى إلى مذهبين كبيرين ألا و هما التيار العقلي و التيار التجريبي ، في أصل المعرفة . وعلى هذا الأساس يمكن طرح الإشكال التالي : فما طبيعة المعرفة و أصلها عند ديكارت و دافيد هيوم ؟ و قبل هذا وذاك ، فما المقصود بالمعرفة بصفة عامة يا ترى ؟ .

الفصل الأول : المعرفة

المبحث الأول : مفهوم المعرفة

إن معنى المعرفة هو مرادف لمعني العلم و هي تعني إدراك صورة الأشياء أو صفاتها أو علاماتها و ذلك بإدراك المعاني المجردة سواء كانت لها وجود خارج الذهن أم لهم يكن .

و من هنا يستعمل المكلمون في تعريف العلم كلمة المعرفة فيقول البقلاني : في تعريف المعرفة :" أنه معرفة العلوم على ما هو به " و للجوني تعريف أخر يقول فيه " العلم عقد يتعلق بالمعتقد على ما هو به" وجاء في لسان العرب :" أن المعرفة إدراك الجزئي و إدراك الكلي و أن المعرفة تستعمل في التصورات ".

فالمعرفة علم من العلوم التي تبحث في تقديم جميع المناهج الفلسفية و العلمية و يعتبر هذا المدخل لدراسة بقية العلوم. (1)


(1) الأنترنات http://chebba.hijai.net/? .

المبحث الثاني : أنواع المعرفة

يتحدث الفلاسفة المعاصرون عن ثلاثة أنواع من المعرفة و هي :

- النوع الأول : التعرف بالأشخاص و الأماكن و الأحداث فأنت تتعرف على الأشخاص بلقائهم ، و تتعرف على الأماكن بالذهاب إليه كما تتعرف على الأحداث بشواهده .

- النوع الثاني : من المعرفة فمعرفة كيف تنجز الأعمال و كيف تؤدى، و يسمى هذا النوع بقدرة المعرفة ، و نحن نحصل على لبقدرة المعرفية بتعلمنا كيف نتكلم اللغة و كيف نكتب و كيف نحسب .....الخ، و نستطيع القيام بهذا بصمت و لا نحتاج إلى أن تصوغ ذلك في قضايا أو عبارات .

- النوع الثالث: و هو ما يدعونه بالمعرفة القضائية نسبة إلى القضايا أي الأحكام أو الجمل ( المفيدة ) مثل قولك : علي يعرف : " أن الدوحة تقع على الخليج العربي " . وأن جامعة الزيتونة أقدم جامعة إسلامية".

و يعني الفلاسفة بهذا النوع الثالث من المعرفة القضايا لأنهم يميزون بين الوقائع و الأشياء نفسها في العالم من جهة و ما نقوله عنها أي تعابيرنا عن تصوراتنا من جهة أخرى، وأفكارنا التي هي تعابير وصيغ يمكن أن يكون ما نعبر عنه من معرفة للعالم الخارجي صادقا إذ كان مطابقا في الواقع الخارجي ، ويمكن أن لا يكون صادقا إذا كان غير مطابق لهذا الواقع الذي تتحدث عنه تلك العبارات أو القضايا . (2)


(2) عمار ألطلبي ، مدخل إلى عالم الفلسفة ، دار القصبة للنشر ، الجزائر ، 2006 ، ص 163-164 .

المبحث الثالث: قيمة وحدود المعرفة

1- قيمتها : تتمثل قيمة المعرفة إجمالا في مدى درجة اليقين الذي تصل إليه إدراكاتنا تصورا كانت هذه الإدراكات أم تصديقا ، أو بمعني أخر في مدى إمكان كشف المعرفة عن الحقيقة كما تتمثل من ناحية أخرى في الإيمان بإمكانية المعرفة ، و هذا اليقين الذي يعتبر معيار للقيمة المعرفية أو الإيمان بها و ينقسم إلى ثلاث أنواع و هي :

أ- اليقين المنطقي أو الرياضي : و هو الذي يقصده منطق البرهان عند أرسطو ومعناه العلم بقضية معنية و العلم بأن من المستحيل أن لا تكون القضية بالشكل الذي علمت عليه ، فاليقين المنطقي مركب من علمين ، و ما لم ينظم العلم الثاني إلى العلم الأول لا يعتبر يقينا في منطق البرهان و اليقين يندرج في اليقين المنطقي لأنه يعني تضمين إحدى القضيتين للأخرى .

ب- اليقين الذاتي : و هو جزم الإنسان بقضية من القضايا بشكل لا يراوده أي شك أو احتمال للخلاف فيها ، وليس من الضروري في اليقين الذاتي أن يستبطن أي فكرة عن استحالة الوضع المخالف لما علم ، فالإنسان قد يرى رؤيا مزعجة في نومه فيجزم بأن وفاته قريبة .... ولكنه في نفس الوقت لا يرى أي استحالة في أن يبقي حي ، لآن كونه غير محتمل و لا يعني أنه مستحيل .

جـ- اليقين الموضوعي : و هو يستلزم الصحة في مطابقة القضية التي تعلق بها اليقين ، مع الواقع إضافة إلى الصحة في درجة التصديق من حيث مطابقته للمبررات موضوعية تفرض درجة التصديق تلك " و من هنا نصل إلى فكرة التميز بين اليقين الذاتي و اليقين الموضوعي " فاليقين الذاتي : و هو التصديق بأعلى درجة ممكنة ، سواء كان هناك مبررات موضوعية لهذه الدرجة أم لا .

و اليقين الموضوعي أيضا : هو التصديق بأعلى درجة ممكنة على أن تكون هذه الدرجة مطابقة مع الدرجة التي تفرضها المبررات الموضوعية أو بتعبير آخر : أن اليقين الموضوعي هو أن تصل الدرجة التي تفرضها المبررات الموضوعية إلى الجزم " .

و الأمر الثاني الذي يعني به علم المعرفة : و هو إمكان المعرفة و العلم بوقوعها ، وهو أمر لا يقبل الإنكار و لا الشك ، ولا يتردد في الاعتراف به أي إنسان سوى عاقل لم تؤثر الشبهات على ذهنه و تفكيره ، وبالرغم من ذلك فقد ظهرت في تاريخ الفلسفة مذاهب تنكر العلم مطلقا ، ولا تعترف بإمكان المعرفة مثل : السوفسطائين و الشكاك و اللاأدربين . ولقد صنفهم بعض علمائنا على أنهم مرضي نفسيون و أن الله ابتلاهم بالوسواس الذهني الشديد و بخاصة أن قسما منهم أنكر الوجود ذاته ناهيك عن المعرفة (3)

2- حدود المعرفة :

أ- لا يمكن إنكار فضل الشك المنهجي في اجتثاث حالة الاضطراب النفسي التي يعيشها الشكاك ، أنهم انطلقوا قبليا ، من مبدأ إمكان المعرفة و بقدرة الإنسان أن يدرك الحقيقة ، يقول ألان : " إن الفكر الذي لا يعرف كيف يشك ، فكر ينزل دون الفكر " أي يتهافت في قرارة ذاته .

أما الفكر الذي يحسن التصرف في تشككه فموقف يتجاوز سخافة النزعة الدنغماطية ، التي تؤدي إلى عقم البحث و تصنيف الفصول ، لا إلى تفتحه ، إنه يدعوا إلى الحذر و الإمعان ، وهنا المرء يشك في ذاته لا في الحقيقة إلا أن الفيلسوف الحديث أو الملقب


(3) الأنترنات http://chebba.hijaj.net/?p: .

بأبي الفلسفة الحديثة "ديكارت" لم يطرح مشكلة حدود المعرفة طرحا ، كما فعلت الفلسفة النقدية مع "كانط" بعده.

ب- لا يرضى "كانط" لنفسه الانطلاق من الشك في كل شيء لأنه يري أن ثمة علمين قائمين ، لا محل للشك فيهما ، ألا و هما العلم الرياضي و العلم الطبيعي ، فالعلم الأول ممكن المعرفة ، وحقائقه يقينية مطلقة و ما دامت قضاياه منشأ ة من قبلنا و ليست مقتبسة من واقع موضوعي منفصل عنا ، فلا يجوز الشك في مدى إمكان معرفته .

أما العلم الثاني الذي يدخل في نطاق التجربة ، فإن "كانط" يبدأ باستبعاد المادة عن هذا النطاق ، لأن الذهن لا يدرك من الطبيعة إلا ظواهرها ، وإذا أسقطت المادة من الحساب فلا يبقى للعلوم الطبيعية إلا ظواهرها ، و هذه الظواهر إنما تدرك بالتجربة (4) .


(4) جمال الدين بوقلبي حسن ، قضايا فلسفية ، ط03 ، ج 01 ، المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ، 1984 ، ص : 605-606 .

الفصل الثاني : طبيعة المعرفة عند ديكارت و هيوم :

المبحث الأول : طبيعة المعرفة عند ديكارت : ( 1596-1650)

يعتبر ديكارت إمام النظرية العقلانية في المعرفة في العصر الحديث و هو المتأثر بأفلاطون و الرافض لنظرية المثل ، فقد بدأ من الرياضيات و أقام مذهبا مختلفا في تفاصيلها عن موقف أفلاطون، لكنه أصر على أن المعرفة معرفة بما هو ثابت و رأى هذا الثبات و اليقين في البديهيات الرياضية و الحقائق الوجودية الأولية مثل الكوجيتو .

وقد كان رائدا أيضا لنظرية الأفكار الفطرية في العصر الحديث أي أن لدى الإنسان الاستعداد طبيعيا ليقول بعض الأفكار الأولية مستقيل عن الخبرة الحسية ، إذا كانت ضرورية لإبراز هذا الاستعداد من كمونه ، و من أمثلة هذه القضايا : لكي أفكر يجب أن أوجد ، ما له شكل ممتد ، ما يتحرك له ديمومة من المحال أن يحدث شيء من لا شيء ، إن وجد شيء ناقص فلا بد من وجود شيء كامل ، ما هية النفس: فكر ، ماهية الجسم: امتداد ، بالإضافة إلى بديهيات الرياضيات و قوانين المنطق (1) .

و في فترة مبكرة أصبح ديكارت مقتنعا مثل بيكون بأن الاحتياج العظيم هو صناعة منهج دقيق و مثمر للبحث ، غير أن ديكارت فهم المناهج التي يستخدمها الرياضيون و علماء الطبيعة على نحو أفضل و قد كان ديكارت نفسه رياضيا و مرموقا و مكتشفا الهندسة التحليلية ، وقد انتهى إلى أنه يمكن ابتكار منهج للفلسفة و هو المنهج الذي يستخدمه في الهندسة بنجاح و يحمل في الجزء الثاني من كتابه " مقال عن المنهج " Discoures on Méthode" بطريقة مبسطة لأربع 04 قواعد محددة كالتالي :

1- البداهة : " لأ قبل شيئا على أنه حق ، ما لم أعرف بوضوح أنه كذلك ، أي يجب أن أتجنب التسرع و عدم التشبث بالأحكام السابقة .


(1) د/ محمود زيدان ، نظرية المعرفة عند مفكري الإسلام و فلاسفة الغرب المعاصرين ، دار النهضة الغربية ، بيروت ط1 ، 1979 ، ص 23.

و أن لا أدخل في أحكامي إلا ما يتمثل لعقلي في وضوح و تميز يزول معهما كل شك

2- التحليل: " أن أقسم كل واحدة من المشكلات التي أبحثها إلى أجراء كثيرة بقدر المستطاع ، و بمقدار ما يبدو ضروريا لحلها على أحسن الوجوه" .

3- التركيب : " أن أرتب أفكاري ، فأبدأ بالأمور الأكثر بساطة و أيسرها معرفة ، حتى أصل شيئا فشيئا أو بالتدريج إلى معرفة أكثرها تعقيدا مفترضا ترتيبا ، حتى لو كان خياليا ، بين الأمور التي لا يسبق بعضها بعضا " .

4- الإحصاء: " أن أعمل في جميع الأحوال من الإحصاءات الكاملة و المراجعات الشاملة ما يجعلني على ثقة من أنني لم أغفل شيئا " .

و من هنا نلاحظ أن الفيلسوف الحديث الملقب بأبي الفلسفة الحديثة (ديكارت) فيلسوف عقلي بصورة صارمة في تأسيس منهجه فهو بفهم العقل القضايا الواضحة و المتميزة بطريقة حدسية مثلما يفهم بديهيات الهندسة مثلا ، إذ لا شيء تدركه الحواس بصورة مباشرة يكون واضحا و متميز بهذه الطريقة فالحدس ( INTUITION) و ليس الإحساس هو المصدر الأول للمعرفة وبذلك فإن ديكارت فيلسوف عقلي و ليس فيلسوفا تجريبيا ( 2) .


(2) وليم كلي رأيت ، تاريخ الفلسفة الحديثة ، ترجمة محمد سيد أحمد ، تقويم أمام عبد الفتاح إمام ، المجلس الأعلى للثقافة ، 2005 ، ص 94-95 .

المبحث الثاني : طبيعة المعرفة عند هيوم ( 1711-1776)

إن أول ما يلفت الانتباه في فلسفة هيوم المعرفية ، هو حديثه عن أصل المعارف الإنسانية أو مصادر الأفكار ، وهنا يقسم هيوم الإدراكات العقلية إلى قسمين :

1- الانطباعات : و هي ادراكات أكثر وضوح و أقوى أكثر .

2- الأفكار : و هي ادراكات أقل وضوح و أضعف أكثر .

وسواء تعلق الأمر بالانطباعات أو الأفكار ، فإن لهما نفس المصدر هو الخبرة الحسية ، و ما الاختلاف الموجود بينهما إلا في درجة الوضوح وقوة الأثر ، و في هذا السياق يقول هيوم : " و هكذا كافة أفكارنا التي هي ادراكات خافتة ، صور تحاكي انطباعاتنا التي هي ادراكات ناصعة " .

وهكذا فإذا شاءت الفكرة أن تكون صحيحة فإن عليها تقبل أن نعود بها إلى انطباعاتنا الحسية المباشرة وما لم يقبل ذلك فهو من الأفكار التي يجب أن نركن إليها على أنها صواب.

و يقسم هيوم الأفكار إلى نوعين ، بسيطة ومركبة ، فأما البسيطة فهي تلك التي يمكن تحليلها ،أما المركبة فهي ما يمكن تحليلها إلى عناصر جزئية ابسط منها . هكذا ففكرتي عن لون البرتقالية أو طعمها أو رائحتها مثلا ، هو من الأفكار المباشرة الصادرة عن انطباعاتنا الحسية ، وهذه الانطباعات الجزئية هي التي سيؤلف الذهن بينها فيها بعد لتكون فكرة البرتقالة كفكرة مركبة .

من هنا فالمبدأ الأساسي في فلسفة هيوم هو كتالي : كل فكرة صحيحة و مشروعة لا بد أن تجد مصدرا لها في الخبرة المباشرة و إلا فهي زائفة ، انطلاقا من هذا المبدأ يتساءل هيوم عن مشروعيته ما يسمى بالألفاظ الكلية المجردة مثل لفظ "إنسان " فإلى أي شيء أشير بالكلمة العامة المجردة " "إنسان" ؟

لقد انقسم الفلاسفة في الإجابة عن السؤال إلى ثلاثة مذاهب رئيسة :

1- الفلاسفة "الشيئيون" بزعامة أفلاطون :

و هو يرون أن لفظ " إنسان" يشير إلى "شيء" حقيقي قائم بذاته في عالم المثل ، فهو فكرة عقلية مثالية ومجردة تعتبر النموذج الذي نسخ على منواله هؤلاء الأفراد الذين نراهم في هذه الدنيا .

2- الفلاسفة " التصوريون" بزعامة أرسطو :

و يرى أصحاب هذا التصور إن اللفظ المجرد " إنسان" لا يشير إلى أي فرد من الأفراد الذين ندركهم في هذا العالم الحسي كزيد و عمر و خالد ، ولكنه يشير إلى تصور عقلي مجرد مستخلص من هؤلاء الأفراد عن طريق عمليتي التجريد و التعميم فلفظ " إنسان" بهذا المعني هو تصور عقلي مجرد يشير إلى كل أفراد بني الإنسان دون أن يقتصر على واحد منهم بعينه .

3- فلاسفة "الاسميون" و هيوم زعيم من زعمائهم :

و يرى أصحاب هذا المذهب بأن المعرفة تستمد من هذا العالم التجريبي الحسي و بأن معارفنا لا تأتي إلا فردية جزئية في أساسها ، وعليه فكلمة "إنسان" لا تشير إلا إلى واحد من الأفراد الآدميين الذي انطبع بهم ، اتخذه ممثلا هذا الفرد أو ذلك ومن ثم سمي هذا الفريق 'بالاسميين" .

هكذا نلاحظ أن الاسم الكلي عند هيوم هو أسم يشير إلى صورة ذهنية جزئية ( أي " فكرة" باصطلاح هيوم) ناتجة عن مجموعة من الانطباعات الحسية ، و الانطباع في هذه الحالة لا يكون إلا المؤثر جزئي بكامل فرديته لا تعميم فيه و لا تجريد .

من هنا فالفكرة الكلية المجردة، مثل فكرة "لإنسان " هي فكرة منبثقة عن فرد بعينه ثم اختيرت لتمثيل سائر الأفراد و بالتالي فهذا التعميم الذي يطالها لا يضيف عناصر جديدة إلى طبيعتها.

"فواضح إذن أن هيوم وانطلاقا من نزعته التجريبية ، يرجع أصل كل الأفكار ، مهما بلغت من الإغراق في التجريد إلى الخبرة الحسية ، وما لا يرجع من الأفكار إليها فهي باطلة و لا أساس لها من الصحة " .

ومن المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها فلسفة هيوم هو قوله بمبدأ " ترابط الأفكار " ، و مفاده أن أفكارنا مترابطة ، بحيث أن الواحدة منها تستدعي الأخرى في نوع من الانتظام (3) .

موجز عام لنظرية المعرفة عند هيوم .

أن المعرفة الإنسانية في نسق هيوم الفلسفي تعود إلى ادراكات العقل التي تقسم إلى قسمين مختلفين : الانطباعات Impressions و الأفكار Ideas ، و تشمل الانطباعات الإحساسات Sensations و العواطف Passions و الانفعالات Emotions ، وتنقسم الإدراكات و الانطباعات و الأفكار من حيث تركيبها إلى بسيطة Simple و مركبة Compound ، الأولى لا تقبل القسمة إلى أجزاء ، بينما المركبة تقبل مثل هاته القسمة مثل البرتقالة التي سبق شرحها و المستخلص منها فكرة واحدة عن البرتقالة .

و مع أن العقل قادر على ربط الأفكار بسيطة على نحو ما يشاء ، لا نظر لها في الواقع مثل فكرتنا عن حصان مجنح أو جبل من الذهب ، فإن قدرته على الرغم من ذلك محدودة لا تتعدى تجميع و نقل وزيادة أو نقصان المواد التي توجد في الواقع الخارجي و تقدمها إلينا الحواس و التجربة ( 4) .


(3) الأنترنات : http://chebba.hijij.net/? من كتاب لـ : د/ زكي محمود نجيب، ديفيد هيوم ، دار المعارف / مصر 1958 .

(4) د/ إبراهيم مصطفي إبراهيم ، الفلسفة الحديثة من ديكارت الى هيوم ، دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر ، إسكندرية 2001 ص 335 – نقلا عن – د/ كريم متى ، الفلسفة الحديثة ص 207 .

خاتمــــة :

و في الختام نستخلص بأن المعرفة مصدر من المصادر التي اعتمد عليها كلا من الفيلسوفين الحديثين ديكارت و دافيد هيوم في منهجيهما و كما نستخلص أيضا أن كلا من ديكارت و دافيد هيوم خطان متوازيان غير متلاقيان فديكارت يعتمد أساسا على العقل للوصول إلى المعرفة أما دافيد هيوم فهو فيلسوف تجريبي يعتمد على الحواس للوصول إليها.

قائمــة المراجــــع و المصــــادر :

- إبراهيم مصطفي إبراهيم ، الفلسفة الحديثة من ديكارت إلى هيوم ، دار الوفاء الدنيا الطباعة و النشر إسكندرية ، 2001 .

- جمال الدين بوقلي حسن ، قضايا فلسفية، ط3 ، ط1 ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، 1984 .

- عمار الطالبي، مدخل إلى عالم الفلسفية، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2006 .

- وليم كلي رأيت ، تاريخ الفلسفة الحديثة ، محمد سيد أحمد ، الإمام عبد الفتاح إمام ، المجلس الأعلى للثقافة ، 2005 .

- محمود زيدان ، نظرية المعرفة عند مفكري الإسلام و فلاسفة العرب المعاصرين ، دار النهضة العربية بيروت ، ط1 ، 1979 .

- الموقع : http://chebba.hijij.net/? .